تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ) (١)» (٢).
وقال بعض المتألّهة من الحكماء المتقدّمين : من وراء هذا العالم سماء ، وأرض ، وبحر ، وحيوان ، ونبات ، وناس سماويّون ، وكل من في ذلك العالم سماوي ، وليس هناك شيء أرضي ، والروحانيون الذين هناك ملائمون للإنس الذين هناك ، لا ينفر بعضهم عن بعض ، وكل واحد لا ينافر صاحبه ، ولا يضادّه ، بل يستريح إليه (٣).
وقال أيضا : الأشياء الّتي هناك كلها مملوءة غنى ، وحياة كأنها حياة تغلي وتفور ، وجري حياة تلك الأشياء إنّما ينبع من عين واحدة ، لا كأنها حرارة واحدة ، أو ريح واحدة فقط ، بل كلّها كيفية واحدة ، فيها كلّ طعم (٤).
ونقول إنك تجد في تلك الكيفية الواحدة طعم الحلاوة والشراب ، وسائر الأشياء ذوات الطعوم ، وقواها ، وسائر الأشياء الطيبة الروائح ، وجميع الروائح ، وجميع الألوان الواقعة تحت البصر ، وجميع الأشياء الواقعة تحت اللمس ، وجميع الأشياء الواقعة تحت السمع ، أي اللحون كلها ، وأصناف الإيقاع ، وجميع الأشياء الواقعة تحت الحسّ ، وهذه كلها موجودة في كيفية واحدة مبسوطة على ما وصفناه ؛ لأنّ تلك الكيفية حيوانية عقلية ، تسع جميع الكيفيات الّتي وصفناها ، ولا تضيق عن شيء منها من غير أن يختلط بعضها ببعض ، وينفسد بعضها ببعض ، بل كلّها فيها محفوظة ، كأنّ كلا منها قائم على حدة.
__________________
(١) ـ سورة الحجر ، الآية ٢١.
(٢) ـ روضة الواعظين : ١ : ٤٧.
(٣) ـ أنظر : الأسفار الأربعة : ٢ : ٦٤ ، فقد نقل بعض هذا القول عن كتاب أثولوجيا للمعلم الأوّل في الميمر الرابع.
(٤) ـ الأسفار الأربعة : ٣ : ٣٤١ ، عن كتاب أثولوجيا.