عنها ، يرجّح وجودها ، وهو الله الغنيّ بالذات ، (وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) (١).
ومنها : آية الماهيات ، فإنّ كلّ ما له ماهية غير الوجود ، فالوجود له من الغير ؛ لاستحالة كون الوجود من اللوازم للماهية ، وإلّا لكان وجودها متقدّما على وجودها ، ولكانت موجودة ، سواء فرضت موجودة ، أو معدومة ، كما هو شأن اتّصاف الماهيات بلوازمها ، فلا بدّ بالتقريب المذكور من الانتهاء إلى ما لا يكون وجوده إلّا عين ذاته ، ومقتضى ذاته ، من غير افتقار إلى الغير ، وهو الله الواحد الأحد جل اسمه.
ومنها : آية الجسم وتركّبه من المادّة والصورة ، وكون كلّ منهما ـ لتلازمهما ومعيّتهما في الوجود ـ مفتقرا إلى صاحبه ، فلهما موجد غيرهما ، لا يكون جسما ، ولا جسمانيا ، فإن كان غنيا بالذات من جميع الوجوه ، فهو الله البارىء ، وإلّا فينتهي إليه لا محالة.
ومنها : آية العقل ، والتقريب ما ذكر ، فإنّه يجب انتهاؤه إلى منتهى الحاجات ، تعالى ذكره.
ومنها : آية النفس ، فإنها لما كانت جوهرا ملكوتيا خارجا من حدّ القوّة والاستعداد إلى حدّ الكمال العقلي ـ كما يأتي بيانه مفصّلا في المقصد الثاني ـ فلا بدّ لها من مكمل عقلي ، مخرج لها من القوّة إلى الفعل ، ومن النقص إلى الكمال ، ولا بدّ أن لا يكون عقلا بالقوة ، وإلّا لكان معطي الكمال قاصرا عنه ، ولاحتاج إلى مخرج آخر ، أو ينتهي إلى عقل وعاقل بالفعل ، ثمّ إلى الله المصير.
ومنها : آية الحركة ، من جهة حدوثها وتجدّدها وافتقارها إلى فاعل حافظ
__________________
(١) ـ سورة محمّد ، الآية ٣٨.