للزمان ، ومحدّد للمكان ، ومفيد لجسم يقبل حركات غير متناهية ، عن قوّة غير متناهية إلّا ما شاء الله ؛ لينتظم به وجود كلّ حادث ، ولا بدّ ـ أيضا ـ أن يكون غاية هذه الحركات والأشواق أمرا عقليا ، لا يقع تحت تغيّر ونقصان ، كما سنبيّنه فيما بعد إن شاء الله ، فالحركة دلّت على وجود فاعل ، وغاية يكون مقدّسا عن الحدوث والأفول ، والعدم والنقصان ، والفقر والإمكان ، وهو الله الحق جلّ كبرياؤه.
وصل
أشرف الدلائل وأوثقها وأسرعها في الوصول ، وأغناها عن ملاحظة الأغيار ، هو طريقة الصديقين ، الذين يستشهدون بالحق على كلّ شيء ، لا بغيره عليه ، فيشاهدون جميع الموجودات في الحضرة الإلهية ، ويعرفونها في أسمائه وصفاته ، فإنّه ما من شيء إلّا وله أصل في عالم الأسماء الإلهية ، وله وجه إلى الحق سبحانه ؛ لما دريت أن كلّ ممكن فهو زوج تركيبي ، ولذلك لما سئل نبيّنا صلىاللهعليهوآله : بم عرفت الله؟ فقال : «بالله عرفت الأشياء».
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «اعرفوا الله بالله» (١) ، يعني انظروا في الأشياء إلى وجوهها الّتي إلى الله سبحانه لكي تعرفوا أولا أن لها ربّا صانعا ، ثمّ اطلبوا حينئذ معرفته بآثاره فيها ، من حيث تدبيره لها ، وقيّوميّته إياها ، وتسخيره لها ، وإحاطته بها ، وقهره عليها ، حتّى تعرفوا الله بهذه الصفات القائمة به ، ثمّ تعرفوا
__________________
(١) ـ متشابه القرآن : ١ : ٤٦ ؛ وفي الكافي : ١ : ٨٥ ، ح ٢ سئل أمير المؤمنين بم عرفت ربك؟ قال : بما عرّفني نفسه.