[٢]
في بيان قلّة أهل الله ، وصعوبة
هذا الأمر ، وغموضه
(إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ) (١) ، كما قال تعالى : (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) (٢) ، (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ* يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) (٣) ، (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٤) ، (وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ) (٥)
وذلك لأنّ هذا الأمر صعب مستصعب ، عزيز المنال ، دقيق المدرك ، تضعف عن إدراكه بصائر الأكثرين ، كضعف أبصار الخفافيش عن إدراك ضوء الشمس ، ولهذا إنّما يخاطب الجمهور بظواهر الشرع ، ومجملاته ، دون أسراره وأغواره ؛ لعدم احتمالهم ذلك ، بل يضرّهم استماعه ؛ لقصور أفهامهم ، واعوجاج أذهانهم ، فيضلّون ويضلّون ، وينكّرون فينكرون حثيثا ؛ إذ لا يكادون يفقهون حديثا ، ولا يسعهم الجمع بين الظاهر والباطن ؛ لضيق وعائهم ، وقصور
__________________
(١) ـ سورة الشعراء ، الآية ٥٤.
(٢) ـ سورة سبأ ، الآية ١٣.
(٣) ـ سورة الروم ، الآية ٦ و ٧.
(٤) ـ سورة الأنعام ، الآية ٣٧ ، وغيرها من السور.
(٥) ـ سورة المنافقون ، الآية ٧.