[٥]
في تظاهر العقل والشرع
ولنقتصر فيه على كلام بعض الفضلاء (١) ، فإنّه كاف في هذا المقام.
قال : اعلم أنّ العقل لن يهتدي إلّا بالشرع ، والشرع لن يتبيّن إلّا بالعقل ، والعقل كالأسّ ، والشرع كالبناء ، ولن يثبت بناء ما لم يكن أسّ ، ولن يغني أسّ ما لم يكن بناء.
وأيضا : العقل كالبصر ، والشرع كالشعاع ، ولن ينفع البصر ما لم يكن شعاع من خارج ، ولن يغني الشعاع ما لم يكن بصر ، فلهذا قال تعالى : (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ* يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ) (٢).
وأيضا : فالعقل كالسراج ، والشرع كالزيت الّذي يمدّه ، فما لم يكن زيت لم يشعل السراج ، وما لم يكن سراج لم يضىء الزيت ، وعلى هذا نبّه بقوله تعالى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ) إلى قوله : (نُورٌ عَلى نُورٍ) (٣).
وأيضا : فالشرع عقل من خارج ، والعقل شرع من داخل ، وهما
__________________
(١) ـ هو الفاضل الراغب الاصبهاني ، قاله في كتابه المسمى بتعطيل النشأتين. (من الهامش).
(٢) ـ سورة المائدة ، الآية ١٥ و ١٦.
(٣) ـ سورة النور ، الآية ٣٥.