الصحيحة ، والأفعال المستقيمة ، والدال على مصالح الدنيا والآخرة ، من عدل عنه فقد ضلّ سواء السبيل.
ولأجل أن لا سبيل للعقل إلى معرفة ذلك ، قال تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (١) ، وقال : (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى) (٢).
وإلى العقل والشرع أشار بالفضل والرحمة ، بقوله : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلاً) (٣) ، وعنى بالقليل المصطفين الأخيار. انتهى كلامه (٤).
ويصدّقه ما روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام : «العلم علمان (٥) : مطبوع ومسموع ، ولا ينفع المسموع إذا لم يكن المطبوع» (٦) ، كما لا ينفع نور الشمس ، ونور العين ممنوع.
وقد ظهر من تضاعيف ما ذكر أنّ أصحاب العقل قليل جدّا ، وأنّ من لم يهتد لنور الشرع ، ولم يطابق عقله ، فليس من ذوي العقول في شيء ، وأنّ العقل فضل من الله ، ونور ، كما أنّ الشرع رحمة منه وهدى ، (وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ
__________________
(١) ـ سورة الإسراء ، الآية ١٥.
(٢) ـ سورة طه ، الآية ١٣٤.
(٣) ـ سورة النساء ، الآية ٨٣.
(٤) ـ أنظر : الأصول الأصلية : ١١٩ ، في الهامش ، تحت عنوان : «أقول» ، وقد نقله عن تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين : ٥٠ و ٥١.
(٥) ـ في المخطوطة : العقل عقلان.
(٦) ـ نهج البلاغة : ٥٣٤ ، حكمة رقم «٣٣٨».