في متشابهات الكتاب والسنّة
(مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) (١)
أصل
إنّ لكلّ معنىّ من المعاني حقيقة وروحا ، وله صورة وقالبا ، وقد تتعدّد الصور والقوالب لحقيقة واحدة ، وإنما وضعت الألفاظ للحقائق والأرواح ، ولوجودهما في القوالب تستعمل الألفاظ فيها على الحقيقة ؛ لاتّحاد ما بينها.
مثلا : لفظ القلم إنّما وضع لآلة نقش الصور في الألواح ، من دون أن يعتبر فيها كونها من قصب ، أو حديد ، أو غير ذلك ، بل ولا أن يكون جسما ، ولا كون النقش ، محسوسا ، أو معقولا ، ولا كون اللوح من قرطاس ، أو خشب ، بل مجرّد كونه منقوشا فيه ، وهذا حقيقة اللوح ، وحدّه وروحه.
فإن كان في الوجود شيء تسطّر بواسطته نقش العلوم في ألواح القلوب فأخلق به أن يكون هو القلم ، فإنّ الله علّم بالقلم ، علّم الإنسان ما لم يعلم ، بل هو القلم الحقيقي ، حيث وجد فيه روح القلم وحقيقته ، وجد من دون أن يكون معه ما هو خارج عنه.
وكذلك الميزان ـ مثلا ـ فإنّه موضوع لعيار تعرف به المقادير ، وهذا معنى
__________________
(١) ـ سورة آل عمران ، الآية ٧.