واحد هو حقيقته وروحه ، وله قوالب مختلفة ، وصور شتّى ، بعضها جسمانيّ ، وبعضها روحاني ، كما توزن به الأجرام والأثقال ، مثل ذي الكفّتين والقبّان ، وما يجري مجراهما ، وما توزن به المواقيت والارتفاعات ، كالاصطرلاب ، وما توزن به الدوائر والقسي ، كالفرجار ، وما توزن به الأعمدة ، كالشاقول ، وما توزن به الخطوط ، كالمسطر ، وما يوزن به الشعر ، كالعروض ، وما توزن به الفلسفة ، كالمنطق ، وما يوزن به بعض المدركات ، كالحسّ والخيال ، وما توزن به العلوم والأعمال ، كما يوضع ليوم القيامة ، وما يوزن به الكلّ ، كالعقل الكامل ، إلى غير ذلك من الموازين.
وبالجملة : ميزان كلّ شيء يكون من جنسه.
ولفظة الميزان حقيقة في كلّ منها باعتبار حدّه ، وحقيقته الموجودة فيه ، وعلى هذا القياس كلّ لفظ ومعنى.
وأنت إذا اهتديت إلى الأرواح صرت روحانيا ، وفتحت لك أبواب الملكوت ، وأهّلت لموافقة الملأ الأعلى (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (١) ، كذا أفاد بعض العلماء قدس الله تعالى سرّه ، ونزيدك ممّا استفدنا منه.
أصل
ما من شيء في عالم الحس والشهادة إلّا وهو مثال وصورة لأمر روحاني في عالم الملكوت ، هو روحه المجرّد ، وحقيقته الصرفة ، كما سيتبيّن لك.
__________________
(١) ـ سورة النساء ، الآية ٦٩.