كان البحر مدادا لشرحه ، والأشجار أقلاما. فأسرار كلمات الله لا نهاية لها ، فنفد البحر قبل أن تنفد كلماته.
وصل
وممّا ذكر يظهر سبب اختلاف ظواهر الآيات والأخبار الواردة في أصول الدين ؛ وذلك لأنها ممّا خوطب به طوائف شتى ، وعقول مختلفة ، يجب أن يكلّم كلّ على قدر فهمه ، ومقامه ، ومع هذا فالكلّ صحيح ، غير مختلف من حيث الحقيقة ، ولا مجاز فيه أصلا ، واعتبر ذلك بمثال العميان والفيل ، وهو مشهور.
وعلى هذا فكلّ من لم يفهم شيئا من المتشابهات من جهة أنّ حمله على الظاهر كان مناقضا بحسب الظاهر لأصول صحيحة دينية ، وعقائد حقّة يقينية عنده ، فينبغي أن يقتصر على صورة اللفظ ، ولا يبدّلها ، ويحيل العلم به إلى الله ، والراسخين في العلم ، ثمّ يترصّد لهبوب رياح الرحمة من عند الله ، ويتعرّض لنفحات أيام دهره الآتية من قبل الله ، لعل الله يأتي له بالفتح أو أمر من عنده ، ويقضي الله أمرا كان مفعولا ، فإنّ الله سبحانه ذمّ قوما على تأويلهم المتشابهات بغير علم ، فقال سبحانه : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)(١).
وعن مولانا الإمام الباقر عليهالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ حديث آل محمّد صعب مستصعب ، لا يؤمن به إلّا ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل ، أو عبد امتحن الله قلبه بالإيمان ، فما عرض عليكم من حديث آل محمّد فلانت له قلوبكم ،
__________________
(١) ـ سورة آل عمران ، الآية ٧.