في الوجود والعدم
(وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ
وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) (١)
أصل
الوجود البحت الخالص الحقّ هو الله سبحانه ، والعدم البحت لا ذات له ، ولا أثر ، ولا تميّز ، بل هو لا شيء محض ، والوجود المشوب بالعدم ما سوى الله ، وهو خلق الله ، وهو مركّب من وجود له من الله ، هو بمنزلة صورته ، ومن عدم له من نفسه ، تميّز بذلك الوجود ، وتخصّص به بحسب قابليّته له في علم الله ، وإمكانه الذاتي ، الّذي به تمكّن من امتثال أمر «كن» ، وهو بمنزلة مادّته ، وهو المعبّر عنه في لسان الشرع ب «الماء» (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) (٢) ، لقبوله الأمر بسهولة ، كما يقبل الماء التشكّلات بسهولة ، فمنه عذب فرات ، ومنه ملح أجاج.
وباعتبار تقدّمه على الأشياء لكونه مادّة لها ، وشرطا في إيجادها ، ورد : «أوّل ما خلق الله الماء» (٣) ، ولأنّ العقل أوّل الأشياء خلقا ، ورد : «أوّل ما خلق
__________________
(١) ـ سورة فاطر ، الآية ١٢.
(٢) ـ سورة هود ، الآية ٧.
(٣) ـ علل الشرائع : ١ : ٨٣ ، ح ٦ بمضمونه.