في النور والظلمة
(وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ* وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ) (١)
أصل
النور : هو الظاهر بنفسه ، المظهر لغيره.
والظلمة : ما يقابله.
وهما أيضا يرجعان إلى الوجود والعدم ؛ إذ المظلم إنّما يسمى مظلما لأنّه ليس للأبصار إليه وصولا ؛ إذ ليس موجودا للبصر ، مع أنّه موجود في نفسه ، والّذي ليس موجودا لا لغيره ولا لنفسه ، فهو الغاية في الظلام ، بل هو الظلمة الحقيقية.
وفي مقابله الوجود ، فهو النور الحقيقي ، وكما أنّ ما به يتحقّق ويوجد الشيء يجب أن يكون موجودا في نفسه ، لا بوجود زائد عليه ، أعني اتصافه بالوجود ليس بجعل جاعل ، وإن كانت ذاته مجعولة جعلا بسيطا ، فكذلك ما به يظهر الشيء لا بدّ وأن يكون ظاهرا في نفسه ، لا بظهور زائد عليه ، أي لا مظهر له ، وإن كانت ذاته الظاهرة مجعولة جعلا بسيطا ، فالوجود والنور والظهور كأنّها ألفاظ مترادفة تعرب عن معنى واحد.
__________________
(١) ـ سورة فاطر ، الآية ١٩ و ٢٠.