فصل
وأمّا انفجار العيون ؛ فلأن البخار إذا احتبس في داخل من الأرض لما فيها من ثقب وفرج يميل إلى جهة ، فيبرد بها ، فينقلب مياها مختلطة بأجزاء بخارية ، فإذا كثر لوصول مدد متدافع إليه بحيث لا تسعه الأرض أوجب انشقاق الأرض ، وانفجرت منه العيون بإذن الله.
أما الجارية على الولاء فهي إمّا لدفع تاليها سابقها ، أو لانجذابه إليه ؛ لضرورة عدم الخلاء ، بأن يكون البخار الّذي انقلب ماء وفاض إلى وجه الأرض ينجذب إلى مكانه ما يقوم مقامه ؛ لئلّا يكون خلاء ، فينقلب هو أيضا ماء ، ويفيض ، وهكذا استتبع كلّ جزء منه جزء آخر.
وأمّا العيون الراكدة فهي حادثة من أبخرة لم تبلغ من كثرة موادّها ، وقوّتها ، أن تحصل منها مقاومة شديدة ، أو يدفع اللاحق السابق.
وأمّا مياه القنى والآبار فهي متولدة من أبخرة ناقصة القوّة عن أن تشقّ الأرض ، فإذا أزيل ثقل الأرض عن وجهها صادفت منفذا تندفع إليه بأدنى حركة ، بإذن الله ، فإن لم يجعل هناك مسيل فهو البئر ، وإن جعل فهو القناة. ونسبة القنى إلى الآبار كنسبة العيون السيّالة إلى الراكدة.
وإن كان اندفاعها منتشرا وأرضها رخوة يتخلل عنها أكثر ما يتبخّر ، فهو النزّ ، وهو أردأ المياه ، والذي يبقى ويحبس مدّة خالطته الأرض وتمنعه من سرعة البروز ، فيتعفّن ويتغيّر في طريقه.
ويمكن أن تكون هذه المياه متولّدة من أجزاء مائية متولدة من أجزاء