في الجبال والأحجار المعدنية
(وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها
وَغَرابِيبُ سُودٌ) (١)
فصل
أما الأحجار والجبال فالسبب الأكثر فيها عمل الحرارة في الطين اللزج ، بحيث يستحكم انعقاد رطبه بيابسه بإذن الله ، وقد ينعقد الماء السيال حجرا كما نبّهنا عليه فيما قبل ؛ إمّا لقوّة معدنية محجّرة ، أو لأرضية غالبة على ذلك الماء بالقوة ، لا بالمقدار ، كما في الملح ، فإذا صادف الحر العظيم طينا كثيرا لزجا ، إمّا دفعة ، وإما على مرور الأيام ، تكوّن الحجر العظيم ، فإذا ارتفع بأن تجعل الزلزلة العظيمة طائفة من الأرض تلّا من التلال ، أو يحصل من تراكم عمارات تخرّبت ثمّ تحجّرت ، أو يكون الطين المتحجّر مختلف الأجزاء في الصلابة والرخاوة ، فتنحفر أجزاؤه الرخوة بالمياه والرياح ، وتغور تلك الحفر بالتدريج غورا شديدا ، وتبقى الصلبة مرتفعة ، أو بغير ذلك من الأسباب ، فهو الجبل.
وقد ترى بعض الجبال منضودة ساقا فساقا ، كأنها ساقات الجدار ، فيشبه أن يكون حدوث مادّة الفوقاني بعد تحجّر التحتاني ، وقد سال على كلّ ساق من
__________________
(١) ـ سورة فاطر ، الآية ٢٧.