فصل
الأبخرة والأدخنة المحتبسة في باطن الأرض إذا كثرت يتولد منها ما ذكر ، وإذا لم تكن كثيرة اختلطت على ضروب من الاختلاطات المختلفة في الكم والكيف والمزج ، بحسب اختلاف الأمكنة والأزمنة والإعدادات ، فتكون منها الأجسام المعدنية ، بإذن الله ، وهي أوّل ما يحدث من المركبات العنصرية التامة المزاجية ، ولها ـ بعد حقائقها العقلية ـ نفوس ملكوتية تحفظ أشخاصها ، وبها حياتها اللائقة بها بحسب وجوداتها أكثر من حياة ما دونها من الكائنات الغير المزاجية ، مما حياتها شبيهة بالموت.
ثم إذا غلب البخار على الدخان يتولد مثل اليشم ، والبلّور ، والزئبق ، وغيرها من الجواهر المشفّة ، وإن غلب الدخان يتولّد الملح ، والزاج ، والكبريت ، والنوشادر ، ثمّ من اختلاط بعض هذه مع بعض يتولد غيرها من المعادن ، ولنشرحها شرحا جمليا على وجه كلي، فاستمع :
وصل
أصناف المعادن خمسة ؛ لأنها إمّا ذائبة ، أو غير ذائبة. والذائبة إمّا منطرقة ، أو غير منطرقة. والغير المنطرقة إمّا مشتعلة أو غير مشتعلة. وغير الذائبة إمّا عدم ذوبانه لفرط الرطوبة، أو لفرط اليبوسة.
فالذائب المنطرق هو الجسم الّذي انجمد فيه الرطب واليابس ، بحيث لا تقدر النار على تفريقهما مع بقاء دهنية قوية بسببها يقبل ذلك الجسم الانطراق.