والخشونة ، والصلابة ، واللين ، والهشاشة ، واللزوجة ، كلّها بالمماسّة.
وكذلك فاعل الحركة منبثّ في جميع الأعضاء بواسطة الروح المنبعثة في العضلات ، وأمّا سائر الأملاك فكلّ في محلّ خاصّ ، يفعلون فعلهم كما يأتي ، فتبارك الله من لطيف ، ما ألطفه.
فصل
لمّا كان أسافل البدن ، وما بعد من الدماغ يحتاج أن ينال الحسّ والحركة ، وكان نزول العصب إليها من الدماغ بعيد المسلك ، غير حريز ، ولا وثيق ، وأيضا لو نبتت الأعصاب كلّها من الدماغ لاحتيج أن يكون الرأس أعظم ممّا هو عليه بكثير ، ولثقل على البدن حمله ، فلذلك جعل الله عزّ اسمه في أسفل القحف ثقبا ، وأخرج منه شيئا من الدماغ ، وهو النخاع ، وحصّنه لشرفه وعزّته بالعنق والصلب ، كما حصّن الدماغ بالقحف ، وأجراه في طول البدن ، وهو محصن موقى ، وأنبت منه حين قارب وحاذى عضوا ما عصبا يخرج من ثقب في خرز العنق والصلب ، ويتّصل بتلك الأعضاء الّتي يأتيها العصب من ذلك الموضع ، فيعطيها الحسّ والحركة ، بقوّة مبدئهما الّذي فيه.
فإن حدثت على الدماغ حادثة عظيمة فقد البدن كلّه الحسّ والحركة ، وإن حدثت على النخاع فقدتهما الأعضاء الّتي يجيئها العصب من ذلك الموضع ، وما دونه فحسب ؛ لأنّ الدماغ بمنزلة العين والينبوع لذلك ، والنخاع بمنزلة النهر العظيم الجاري منه ، والأعصاب بمنزلة الجداول.
وأوّل مبادىء الأعصاب الخارجة من الدماغ والنخاع تكون ليّنة شبيهة