في الملائكة الموكّلين بالحيوان الكامل
(لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) (١)
فصل
إن الله سبحانه وكلّ بالحيوان الكامل ـ سوى ربّ نوعه العقلي الّذي هو من العالم العلوي ـ أصنافا من الملائكة السفلية الجزوية ، بهم أقام وجوده ، وأدام شخصه ، وحفظ حياته.
فمنهم من له مدخل في نباتيّته ، أي نشوءه ونماءه ، ومنهم من له مدخل في حيوانيته، أي إحساسه وحركته الإرادية ، ومنهم من له مدخل في كونه حيوانا خاصا ، له صفات كمالية زائدة على أصل الحيوانية ، مثل النطق ، والتعجّب ، والتضجّر ، والخجل ، والخوف، والرجاء ، بحسب العاقبة ، كالخوف والرجاء بحسب الحال ، إلى غير ذلك من خواصّ المسمى بالانسان من أنواعه.
ومنهم من له مدخل في كونه إنسانا خاصا ، له صفات كمالية زائدة على أصل البشرية ، مثل صيرورة تعقّل الكليّات ملكة له ، وكثرة مراجعته إلى عالم القدس ، وتأيّده بروح القدس ، إلى غير ذلك من خواصّ الإنسان بما هو إنسان ، الذي هو أشرف أنواع الحيوان ، بل هو في الحقيقة جنس آخر ، نسبته إلى الحيوان
__________________
(١) ـ سورة الرعد ، الآية ١١.