النافع طلبا للّذّة ، وجناح غضبي حامل على دفع وهرب من المضار ؛ طلبا للانتقام ، ومحلّه القلب والدماغ بمعاونته ، ويخدمه الفاعل للحركة ، المنبثّ في الأعضاء ، كما يخدم هو الملائكة المدركة.
فللحركات الاختيارية مباد مترتبة ، أبعدها عن عالم الحركة ، والمادّة ، والخيال ، أو الوهم ، أو ما فوقهما من الملائكة ، ثمّ الملك الشوقي ، وبعده ، وقبل الفاعل ملك آخر ، كأنه جزء للشوقي ، وتمام له ، أو متمم لفعله ، يسمى بالإرادة ، أو الكراهة ، وهذا كالحركات الطبيعية ، فإنّ لها ـ أيضا كما دريت ـ مباد مترتبة ، بعضها من عالم العقل والتأثير ، وبعضها من عالم الأمر والتدبير ، وأدناها من عالم الطبيعة والتسخير ، والكلّ بقضاء الله والتقدير.
والفارق بين تحريكات الحيوان وبين غيرها ، أن في الحيوان إرادة متفننة حسب دواعيه ، وقواه المختلفة ، لتركّبه من العناصر المتضادّة ، وإرادة غيره على نظام واحد ؛ لبساطته ، وهكذا النبات ، وإن كان مركّبا ذا قوى وملائكة متعدّدة ، إلّا أن للجميع مذهبا واحدا ، ولا حاجة لها كثيرا إلى أسباب خارجة عن ذاتها ، ودواع مختلفة عن قصدها.
فصل
وأمّا المدرك من الملائكة ، فمنه ظاهر مشهور ، ومنه باطن مستور.
أما الظاهر فينحصر في الحواسّ الخمس ، الّتي للإنسان ، بحكم الاستقراء ، وقد يستدل عليه بأنه قد ثبت أن الطبيعة لا تنتقل إلى النوع الأكمل إلّا وقد استكملت جميع شرائط النوع الأنقص ، وكمالاته ، فلو كان في الإمكان حسّ