ثمّ قال لي : امسح يدك على وجهك ، ففعلت ، فعاد أولئك الخلق في عيني ناسا ، كما كانوا أولا ، ثمّ قال : من حجّ ووالى موالينا ، وهجر معادينا ، ووطن نفسه على طاعتنا ، ثمّ حضر هذا الموقف مسلما إلى الحجر الأسود ، وما قلّده الله من آياتنا (١) ، ووافيا بما ألزمه من عهودنا ، فذلك هو الحاج ، والباقون من رأيتهم ، يا زهري (٢).
والقسم الثاني : مسخ الباطن ، وانقلاب الظاهر من صورته الّتي كانت إلى صورة ما ينقلب إليه الباطن ؛ لغلبة القوّة النفسانية ، حتّى صار تغير المزاج والهيئة على شكل ما هو على صفته ، من حيوان آخر ، وهذا إنما يقع في قوم غلبت نفوسهم ، وضعفت عقولهم.
وقد وقع في بني إسرائيل ، كما قال سبحانه : (وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ) (٣) ، وقال : (كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) (٤).
فقد ظهر أن التناسخ باطل ، إلّا إذا أريد به أحد ثلاث معان : إمّا الاستكمالات الّتي للنفس في هذه النشأة على مادّة واحدة ، وإما انتقالها من هذا البدن العنصري إلى بدن آخر أخروي من غير مسخ لصورتها الظاهرة ، وإما انتقالها هذا مع مسخ صورتها الظاهرة أيضا.
ومن هنا قيل : ما من مذهب إلّا وللتناسخ فيه قدم راسخ.
وقد تبين ممّا ذكر أن النفوس الإنسانية بحسب أوّل حدوثها صورة نوع
__________________
(١) ـ في المصدر «أماناتنا» بدل «آياتنا».
(٢) ـ تفسير الإمام العسكري عليهالسلام : ٦٠٦ ، ح ٣٥٩.
(٣) ـ سورة المائدة ، الآية ٦٠.
(٤) ـ سورة البقرة ، الآية ٦٥ ؛ وسورة الأعراف ، الآية ١٦٦.