وذلك لوحدتها الجمعية الكاملة الّتي حصلت لها عند ذلك ، الّتي هي ظلّ للوحدة الإلهية ، بل هي هي بعينها من وجه ؛ لفناء النفس ـ حينئذ ـ في الحق ، كذا أفاد أستاذنا (١) ـ دام ظلّه ـ.
فصل
الإنسان إذا بلغ إلى هذا المقام يتصرّف في الملك والملكوت ، وتطيعه الموجودات كلّها ، بل تصير كلّها أجزاء لذاته ، وتكون قوية سارية في الجميع ، كما أشار إليه مولانا الباقرعليهالسلام ، في حديث الأرواح ، بقوله : «فبروح القدس عرفوا ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى» (٢) ؛ وذلك لأنّه لم يوجد في الممكنات ما هو أشرف من العقل ، ولا ما هو أخسّ من المادّة العنصرية ، وهما حاشيتا الوجود ، وقد وجدتا جميعا في الإنسان الكامل.
ومراتب الوجود متواصلة ، لا ثلمة فيها ، فالإنسان بوحدته كلّ العالم ، فهو كتاب مشتمل على معاني كلّ ما في الموجود ، ومن هنا قيل :
ليس على الله بمستنكر |
|
أن يجمع العالم في واحد (٣) |
وقال مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام :
دواؤك فيك وما تشعر |
|
وداؤك منك وما تبصر |
__________________
(١) ـ أنظر : الشواهد : ٢٠٠ ، حكمة مشرقية.
(٢) ـ بصائر الدرجات : ٤٤٧ ، ح ٤ ، وفيه «علمنا» بدل «عرفوا».
(٣) ـ نسب هذا البيت إلى الشاعر أبي نواس. أنظر : البداية والنهاية : ١٠ : ٢٤٨.