في الآيات الإنسانية من العجائب والغرائب
(سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ) (١)
(وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ* وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) (٢)
فصل
إن في النفس الإنسانية لآيات ، وأسرارا ، وحكما ، وعجائب ، وغرائب ، لا تحصى ، وقد مضت الإشارة إلى شطر منها ، كاشتمالها على كلّ الوجود ، وجميع النشآت ، وهي من أعظم آياتها ، وبهذا الاعتبار مظهر لاسم الله الأعظم.
وكتقدّمها على الموجود البدني النفسي ، وتأخّرها عنه باعتبارين ، وهي أيضا عجيب جدا ، وكإحاطتها بالبدن كلّه ، مع تنزّهها عن المكان والتحيّز ، وكاتّصافها بالعلم والقدرة ، والسمع ، والبصر ، والحياة ، والإرادة ، وسائر صفات الكمال ، تخلق في مملكتها ما تشاء ، وتحكم ما تريد ، وتتصرف بقوّتها الخيالية والعقلية في الملك والملكوت ، ومع ذلك فهي عاجزة عن معرفة ذاتها ، وكنه حقيقتها ، وهي من أعجب العجائب.
وكتطوراتها في الأطوار ، وترقّياتها بحسب درجاتها ومقاماتها من لدن
__________________
(١) ـ سورة فصلت ، الآية ٣٥.
(٢) ـ سورة الذاريات ، الآية ٢٠ و ٢١.