كونها جنينا ، بل نطفة قذرة ، إلى أن تصير عالما ربّانيا ، ملاقيا لله سبحانه ، كما قال تعالى : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ) (١) ، أو تصير ملكا من الملوك ، شديد البطش ، والهمة ، يملك جميع الأرض (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ) (٢).
وكإطاعة جميع الموجودات إياها ، وتوجّهها شطر كعبة قلبها ، ودخولها في دينها أفواجا ، وتسخرها لها ، إنّ في ذلك لآيات ، وما يعقلها إلّا العالمون.
وكخسّتها وشرفها ، وبعد مراقيها في معارجها ، وانحطاط درجاتها في تسفّلها ، فإما إلى أسفل سافلين ، أو لها أجر غير ممنون.
وكصيرورة الحقّ سبحانه سمعها وبصرها ويدها (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) (٣).
وككونها في أوّل الحدوث ، وبحسب الظاهر صورة نوع واحد ، ويصير آخرا ، وبحسب الباطن صور أنواع كثيرة حتّى قد يسري ذلك في الظاهر ـ أيضا ـ كما عرفت (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٤).
__________________
(١) ـ سورة الانشقاق ، الآية ٦.
(٢) ـ سورة الروم ، الآية ٢٢.
(٣) ـ سورة ق ، الآية ٣٧.
(٤) ـ سورة الرعد ، الآية ٤ ؛ وسورة النحل ، الآية ١٢ ؛ وسورة الروم ، الآية ٢٤.