في حدوث العالم
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ
اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ
الْعالَمِينَ) (١)
فصل
إن للعالم ربّا مبدعا ، محدثا ، صانعا ، قيّوما ، مدبّرا ، أزليّا ، واجبا لذاته ، عالما به قبل كونه ، كان في الأزل وليس في الوجود رسم ، ولا طلل ، كما في الحديث المشهور : «كان الله ولم يكن معه شيء» (٢) ، وإنما أحدث العالم عن العدم البحت ، والليس الصرف ، والنفي المحض ، إلى فضاء الوجود ، وعرصة الشهود ، لا من شيء كان ، ولا مثال سبق ، وكان لم يزل بلا زمان ، ولا مكان ، وهو الآن كما كان ليس بينه وبين شيء من المكانيّات امتداد مكاني ، ولا طرف امتداد مكاني ، ولا بينه وبين شيء من الزمانيات امتداد زماني ، ولا طرف امتداد زماني ، وهو بكلّ شيء محيط.
__________________
(١) ـ سورة الأعراف ، الآية ٥٤.
(٢) ـ كنز العمّال : ١٠ : ٣٧٠ ، ح ٢٩٨٥٠.