ونحن نشير إلى طرف من تلك الطرق إشارة إجمالية على وجه كلي ، لكي تعرف جملة كيفية السبيل الممكن إلى ذلك ، ثمّ نذكر ما وجدوه وحصّلوه في كلّ فرد فرد على سبيل الحكاية ، من دون حسابات جزئية ، لخصوص الأفراد ؛ لئلّا نخرج عن الغرض من وضع الكتاب ، وسياقته ، فإنّ كمال النفس في معرفة الأصول والكليات ، دون تفريع الجزئيات ، وهكذا دأبنا ، وعليه عملنا في هذه السياقة ، ولله الحمد.
وصل
إذا سار سائر على خطّ نصف النهار على أرض مستوية ، لازما في مسيره للخطّ بأن ينصب علائم يكون النظر من كلّ إلى ثانيها ، بحيث تستر ثالثها بقدر ما يزيد جزء واحد في عرض البلد ، أو ينقص ، فالقدر الّذي قطعه يكون حصّة درجة واحدة من الدائرة العظيمة الّتي تقع على الأرض ؛ وذلك لموازاة الدوائر العظام الأرضية للعظام الفلكية ، فإذا قدر ذلك بالفراسخ وضرب عددها في ثلاثمائة وستين حصل مقدار محيط الدائرة العظمى من الأرض.
وقد تبيّن في مساحة الدوائر والأكوان محيط كلّ دائرة ثلاثة أمثال قطرها ، وسبع قطرها ، بالتقريب ، فإذا قسّمت فراسخ المحيط على ثلاثة وسبع حصل مقدار قطرها ، فنصفه نصف القطر ، وهو المقدار الّذي تقدر به الأبعاد ، كما أن جرم الأرض يقدر به الأجرام.
وقد تبيّن أن السطح الّذي يحيط به قطر الكرة في محيط أعظم دائرة تقع فيها مساو للسطح المحيط بالكرة ، فعلى ذلك التقدير إذا ضرب القطر في محيط الدائرة العظمى حصل تكسير كرة الأرض ، ومن طريق آخر يؤخذ ذلك من