فالأجسام البسيطة صنفان : صنف يختصّ بصورة واحدة ، لا ضدّ لها ، فيكون حدوثها عن الباري جل وعز على سبيل الإبداع ، لا على سبيل التكوّن من جسم آخر ، ولها حياة ذاتية ، وتسمى بالعلويّات.
وصنف تهيّأ لقبول صورة بعد أخرى ، فتارة يقبل هذه بالفعل ، وتلك بالقوة ، وتارة بالعكس ، وليس لها حياة بالذات ، وتسمى بالسفليات.
ولنبيّن الصنفين تبيانا ، ونشرّحهما تشريحا ، في فصول :
وصل
أما الصنف الأوّل ، فقد دللنا على وجوده في مباحث تحديد الجهات بإثبات جسم بسيط مستدير ، مبدع ، ذي طبيعة ونفس وعقل غير قابل للحركة المستقيمة ، ولا التركيب ، ولا الكون والفساد ، إلّا عن العدم البحت ، وإليه (١).
وأمّا عدد أجرام هذا الصنف فيدل على أقلّه وجدان تسع حركات متخالفة ، قدرا وجهة ، بالأرصاد ، اثنتان منها لجميع الكواكب المزيّنة للسماء الدنيا ، من السيارات ، والثوابت ، إحداهما الحركة السريعة الظاهرة الفاعلة للّيل والنهار ، المشاهد بها طلوع الشمس والقمر والنجوم كلّها بكرة وعشيا ، والأخرى الحركة البطيئة الخفية الّتي وجدت بنظر أدقّ ، ممتازة عن الأولى ، باختلاف المنطقة والأقطاب.
وسبع أخرى للكواكب السبعة السيارة ، الّتي هي النيّران اللذان جعلهما الله سبحانه ضياء ونورا ، وجعل أعظمهما سراجا وهّاجا ، والخمسة المتحيرة في
__________________
(١) ـ هكذا في المخطوطة.