جمال بارئها ، المعبّر عنها في القرآن المجيد ب (... بِالْخُنَّسِ* الْجَوارِ الْكُنَّسِ) (١) ، وعن أعلاها ب (... الطَّارِقِ* وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ* النَّجْمُ الثَّاقِبُ) (٢).
فهذه الحركات التسع المتخالفة تدلّ على وجود تسعة أجرام فلكية مستديرة ، دورية الحركات ، ترتكز في سبعة منها السبعة الجاريات (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (٣) ، وفي آخر سائر النجوم ، وواحد غير مكوكب ، محيط بالكلّ ، كأنه مع الكلّ حيوان واحد ، له نفس واحدة لتحريكه الكلّ بالحركة السريعة ، كتحريك الإنسان بدنه وأعضاءه ، كما أن ما تحته مع كلّ ما يحاط به ، كذلك لتحريكه إياها بالحركة البطيئة.
وما يقال من أن المحاط يتحرك بحركة المحيط حركة بالعرض ، فلا يستقيم إلّا بما ذكر من جهة الوحدة ، وإلّا فلا وجه للتبعية.
ثم ما ذكرناه من تعدد الأفلاك إنّما يتم لو كانت الكواكب مرتكزة في مواضع معينة من أفلاكها دائما ، وإنما تتحرّك بحركة الأفلاك تبعا حركة بالعرض ، لا كحركة السمكة في الماء ، وهو كذلك ؛ لامتناع الخرق والالتئام فيما لا يقبل الحركة المستقيمة ، ولهذا وصف الله سبحانه السماوات بالشدّة في قوله عزوجل : (وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً) (٤) ، وقوله : (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ) (٥).
__________________
(١) ـ سورة التكوير ، الآية ١٥ و ١٦.
(٢) ـ سورة الطارق ، الآية ١ ـ ٣.
(٣) ـ سورة الأنبياء ، الآية ٣٣ ؛ وسورة يس ، الآية ٤٠.
(٤) ـ سورة النبأ ، الآية ١٢.
(٥) ـ سورة النازعات ، الآية ٢٧.