أتم منه صار رأسه من المنتكسين إلى الوسط ، ولكنه ما استقام ، والإنسان لما فضّل عليهما بالنفس الناطقة صار رأسه إلى السماء ، وانتصبت قامته ، كما قال : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (١) ، تثنية لقوله : (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) (٢) ، أنشأه في ظلمات الأرحام ، وشغف الأستار ، نطفة دهاقا ، وعلقة محاقا ، وجنينا ، وراضعا ، ووليدا ، ويافعا ، ثمّ منحه قلبا حافظا ، ولسانا لافظا ، وبصرا لاحظا ، ليفهم معتبرا ، ويقصر مزدجرا ، فسبحانه سبحانه ، ما أبهر برهانه ، وأعلى شأنه.
ولنفصّل القول في أصول الأجناس تفصيلا ، ومن الله التأييد.
__________________
(١) ـ سورة التين ، الآية ٤.
(٢) ـ سورة غافر ، الآية ٦٤ ؛ وسورة التغابن ، الآية ٣.