في كائنات الجوّ
(اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ
وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ
مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) (١)
فصل
إن الله سبحانه إذا أراد أن يلطف بقوم ، أو يغضب عليهم بإحداث حدث في الأرض ، وتكوين كائن من إمطار مطر ، أو إرسال ريح ، أو ما أشبههما من أمر الملائكة السماوية ، وخصوصا الموكّلين بالشمس ، أن يفعلوا في الأرض بتوسّط الملائكة الموكّلين بها أفاعيل ، بأن يحرّكوا شيئا منها ، ويخلطوه حتّى يحصل من اختلاطه ما يشاء ، فإنّ كلّ ما يتكوّن في الجوّ والأرض إنّما يحدث من اختلاط العناصر والأرضيات.
فأوّل ما يحدث من ذلك قبل أن يمتزج امتزاجا تاما تحصل بسببه الكيفية الوحدانية المسماة بالمزاج ، هو البخار والدخان ؛ وذلك لأنّ الملائكة إذا هيّجوا بإسخان السماويات الحرارة ، بخّروا من الأجسام المائية ، ودخّنوا من الأجسام الأرضية ، وأثاروا أجزاء إمّا هوائية ومائية مختلطين ، وهو البخار ، وإما نارية
__________________
(١) ـ سورة الروم ، الآية ٤٨.