أقول :
لمّا بيّن إبطال قدم الحركة شرع في إبطال قدم السكون ، وتقريره أن نقول : لو كان السكون أزليّا لما عدم ، والتالي باطل فالمقدّم مثله. بيان الشرطيّة : أنّه لو كان أزليّا لكان إمّا واجبا لذاته أو ممكنا لذاته ؛ فإن كان واجبا لذاته استحال عدمه ، وإن كان ممكنا لذاته ، فلا بدّ له من علّة فعليّة إمّا (١) واجبة الوجود أو ممكنة الوجود ، فإن كانت واجبة الوجود استحال عدمها ويلزم من استحالة عدم العلّة استحالة عدم المعلول ، وإن كانت ممكنة (٢) لذاتها لم يكن لها بدّ من علّة ، والدور والتسلسل باطلان على ما يأتي فيلزم الانتهاء إلى واجب الوجود. ويلزم من استحالة عدمه استحالة عدم معلوله ، فقد ظهر أنّه لو كان أزليّا لما صحّ عدمه.
لا يقال : لم لا يجوز أن يكون المؤثّر في السكون الأزلي قادرا مختارا وأثر القادر يجوز عدمه مع بقائه.
لأنّا نقول : الفعل الأزلي يستحيل أن يصدر عن قادر لأنّ القادر هو الذي يؤثّر بواسطة الداعي ويستحيل دعوى الداعي إلى شيء موجود بل إلى معدوم ، فكلّ أثر للمختار يجب أن يكون حادثا. وأمّا بطلان التالي فظاهر ، أمّا أوّلا فلأنّ الخصم يقول به. وأمّا ثانيا فلأنّ مقولة الوضع غير واجبة للبسائط ولا للمركّبات.
واعلم أنّ الوضع هو الهيئة الحاصلة للجسم بسبب نسبة أجزائه بعضها إلى بعض ، وبسبب انتساب أجزائه إلى الأمور الخارجة عنه (٣) كالقيام والقعود ،
__________________
(١) في «ف» : (وإمّا).
(٢) في «ب» زيادة : (الوجود).
(٣) في «ب» «د» : (الخارجيّة) بدل من : (الخارجة عنه).