الممكنات التي لا نهاية لها ممكن بالضرورة ، وكلّ ممكن لا بدّ له من المؤثّر ، فالمؤثّر في مجموع الممكنات إمّا أن يكون نفسه (١) ويلزم من ذلك تقدّم الشيء على نفسه لوجوب تقدّم العلّة على المعلول ، هذا خلف.
وإن كان المؤثّر فيه الأجزاء فإمّا أن تكون جميع الأجزاء أو بعضها ؛ والأوّل باطل لأنّ جميع الأجزاء هي نفس ذلك المجموع ويلزم منه ما مرّ ، وإن كان بعض الأجزاء وجب أن يكون ذلك الجزء مؤثّرا في نفسه لأنّ المؤثّر في مجموع أمور لا تزيد على الآحاد مؤثر في تلك الآحاد بالضرورة ، وأن تكون مؤثّرا في علّته وعلّة علّته إلى ما لا نهاية له ، ويلزم من ذلك تقدّم الشيء على نفسه بما لا يتناهى من المراتب ، هذا خلف.
وإن كان أمرا خارجا عنها وجب الانقطاع لأنّ ذلك الخارج إن كان ممكنا كان بعض الآحاد ، ونحن قد فرضنا ذلك المؤثّر خارجا ، هذا خلف. وإن كان واجبا لزم انتهاء الممكنات إلى الواجب وتنقطع السلسلة.
ولقائل أن يقول : لم لا يجوز أن يكون المؤثّر في ذلك المجموع جملة آحاده ، ويكون كلّ واحد من تلك الآحاد علّة ناقصة وجميع الأجزاء علّة للجملة.
قوله : جميع الأفراد هي عبارة عن الجملة ، قلنا : ممنوع ، وأيضا لم لا يجوز أن يكون المؤثّر في تلك الجملة هو (٢) بعض الأفراد.
قوله : يلزم أن يكون مؤثرا في نفسه وعلّته لأنّ المؤثّر في المجموع مؤثّر في كلّ
__________________
(١) في «ب» : (نفسها).
(٢) في «أ» «ب» «د» «س» : (هي).