طبيعيّا لا يمكن أن يجامع المتقدّم منه المتأخّر ، والمسافة أيضا تشتمل على أجزاء تتقدّم (١) بعضها على بعض تقدّما وضعيّا ، ولمّا كانت الحركة مطابقة لهما تزيد بزيادتهما وتنقص بنقصانهما وتنقسم بانقسامهما عرض لها هذا النوع من التقدّم (٢) وحصل لها بسبب هذه التقدّمات إن كانت معدودة و (٣) مقدّرة ، فالزمان مقدار الحركة وعددها من حيث التقدّم والتأخّر العارضين (٤) لها بسبب تقدّم بعض أجزاء المسافة على بعض لا بسبب التقدّم والتأخّر اللاحقين لها بسبب الزمان وإلّا لزم الدور.
قال :
وهو موجود عند الحكماء لأنّ المتحرّك السريع يقطع نصف ما يتحرّك بسرعته في نصف زمانه وإمكانه (٥) منقسم إمّا كمّ أو ذو كمّ.
أقول :
الحكماء ذهبوا إلى أنّ الزمان أمر (٦) موجود ممتدّ من الأزل إلى الأبد (٧) ، واستدلّوا على وجوده بأنّا إذا فرضنا متحرّكا يقطع بسرعة ما مسافة ما وفرضنا معه متحرّكا آخر بتلك السرعة وابتدءا معا وانتهيا معا ، فإنّهما يقطعان مسافة
__________________
(١) في «أ» «س» : (متقدّم).
(٢) في «س» : (التقديم).
(٣) الواو ليست في «س».
(٤) في «ب» «ج» «د» «س» «ف» : (العارضان).
(٥) في «س» «ف» : (فإمكانه).
(٦) (أمر) لم ترد في «س».
(٧) الشفاء (الطبيعيّات) ١ : ١٤٨ ، النجاة : ١١٥ ، وحكاه عنهم الفخر الرازي في المباحث المشرقيّة ١ : ٧٦١ ، والتفتازاني في شرح المقاصد ٢ : ١٨٤.