أقول :
لمّا فرغ من بيان تضادّها وعدمه شرع في بيان كيفيّة وحدتها وتكثّرها ، فنقول : وحدة الحركة لا بدّ فيها من وحدة الموضوع أعني المتحرّك ، فإنّ الموضوع لو تكثّر لتكثرت الحركة قطعا لاستحالة قيام العرض الواحد بالمحلّين ، ولا بدّ فيها من وحدة الزمان ، فإنّ المتحرّك إذا تحرّك في هذا اليوم حركة وانقطعت حركته ثمّ تحرّك في الغد (١) حركة اخرى يستحيل أن تكون الحركتان واحدة لاستحالة إعادة المعدوم.
ولا بدّ فيها من وحدة المسافة ، ونعني به (٢) ما يتحرّك فيه ، وهو أعمّ من المسافة بحسب العرف الاصطلاحي ، لأنّا لو فرضنا متحرّكا واحدا يتحرّك في زمان واحد حركتي أين وكيف لكانت الحركتان متغايرتين بالضرورة لتغاير ما فيه الحركة ، ويلزم من وحدة هذه الامور الثلاثة وحدة ما منه وما إليه ، ولا يشرط (٣) فيها وحدة المتحرّك (٤) ، فإنّا لو فرضنا محرّكا (٥) حرّك جسما من مبدأ وقبل انتهاء حركته ابتدأ محرّك آخر في تحريكه ، فإنّ الحركة واحدة والمحرّكان متغايران.
لا يقال : المحرّك الثاني إمّا أن يفعل شيئا أو لا ، والثاني يلزم منه إبطال النقض (٦) ، والأوّل إمّا أن يكون فعله هو الحركة التي فعلها الأوّل أو لا ، والأوّل يلزم منه إعادة المعدوم والثاني يقتضي تغاير الحركتين لتغاير المحرّكين.
__________________
(١) في «ف» : (الغير).
(٢) في «أ» «د» : (بها).
(٣) في «ف» : (يشترط).
(٤) في «ف» : (المحرّك).
(٥) في «ف» : (متحرّكا).
(٦) في «ف» : (النقص).