وهذان المذهبان فاسدان فإنّ الأمارات الشهيرة تكذّب كلّ واحد من القولين ، فإنّ من جملة الأمارات أنّ المكان ينتقل عنه وإليه ويستقرّ فيه ، ويشار إليه ، وليس شيء (١) من الهيولى والصورة كذلك ، والحجّتان المذكورتان عقيمتان فإنّهما من الشكل الثاني ، وهو لا ينتج من موجبتين.
قال :
والحادث المسبوق بالعدم والقديم مقابله.
أقول :
إنّك ستعلم أقسام التقدّم ، والذي نعني به هاهنا منها إمّا التقدّم الذاتي أو التقدّم الزماني ، وأثبت المتكلّمون قسما آخر (٢).
أمّا التقدّم الذاتي فهو عبارة عن كون المتقدّم قد يوجد من غير افتقار في وجوده إلى المتأخّر ، ولا يعقل المتأخّر موجودا إلّا إذا وجد المتقدّم كالواحد مع الاثنين.
وأمّا التقدّم الزماني فإنّ (٣) المراد منه أن يكون المتقدّم موجودا في زمان والمتأخّر موجودا في آخر ، وزمان المتقدّم سابق على زمان المتأخّر ، فيكون المتقدّم بذلك الاعتبار متقدّما على هذا المتأخّر ، فالمحدث هو الذي يسبقه العدم أحد هذين السبقين ، ويسمّى بالمعنى الأوّل محدثا ذاتيّا ، وبالمعنى الثاني محدثا زمانيا ، فإنّ
__________________
(١) في «ب» : (بشيء).
(٢) قال المصنّف في شرح التجريد (الزنجاني) : ٤٩ بعد أن ذكر خمسة أقسام للتقدّم عن الحكماء ما نصّه : ثمّ المتكلّمون زادوا قسما آخر للتقدّم وسموه التقدّم الذاتي وتمثلوا فيه بتقدّم الأمس على اليوم فإنّه ليس تقدّما بالعليّة ولا بالطبع ولا بالزمان .. ولا بالشرف ، وفي طبعة الآملي : ٨٤.
(٣) (فإنّ) لم ترد في «ف».