أمّا الأوّل فلأنّا نمنع من وجوب كون (١) التصوّر بديهيّا عند كون التصديق بديهيّا ، فإنّ التصديق البديهيّ عبارة عن الذي يكفي تصوّر طرفيه في الحكم ، فجاز أن يكون تصوّر الطرفين مكتسبا ، ويكون حصولهما كافيا في الحكم فيكون التصديق بديهيّا والتصوّر كسبيّا (٢) ، اللهمّ إلّا أن يفسّر التصديق بمجموع التصوّرين مع الحكم ، وحينئذ لا حاجة إلى الاستدلال على كون التصوّر بديهيّا عند كون التصديق بديهيّا ، فإنّ ذلك يكون معلوما قطعا.
وأمّا الثاني فلأنّ تصوّر وجوديّ إنّما يستلزم تصوّر مطلق الوجود إذ لو (٣) كان مطلق الوجود جزءا من وجودي وإنّه مشترك ولكن (٤) ذلك غير معلوم إلّا بدليل (٥) فلا يكون تصوّره ضروريّا.
ثمّ نقول أيضا بعد ذلك : إذا كان تصوّر وجوديّ متوقّفا على اشتراك الوجود فهو كسبيّ وجب أن لا يكون تصوّر وجوديّ بديهيّا لأنّ قوله : كلّ ما يتوقّف عليه البديهيّ يجب أن يكون بديهيّا ينعكس بعكس النقيض إلى قولنا : كلّ ما لا يكون بديهيّا لا يتوقّف عليه البديهيّ.
ثمّ نقول : اشتراك الوجود ليس ببديهيّ فلا يتوقّف عليه البديهيّ ، وقد توقّف عليه تصوّر وجوديّ فلا يكون تصوّر وجوديّ بديهيّا ، وهذا الإلزام لم يتفطّنوا له.
__________________
(١) (كون) لم ترد في «ف».
(٢) قوله : (ويكون حصولهما) إلى هنا ليس في «د».
(٣) في «ج» «ر» «س» «ف» : (إن).
(٤) (لكن) لم ترد في «ب» ، وفي «س» بدلها : (كلّ).
(٥) في «ب» «ف» : (بالدليل).