لا؟ فذهب أكثر المتكلّمين إلى أنّه وصف مشترك بين الموجودات (١) ، وذهب أبو الحسين البصري وجماعة من المتأخّرين إلى أنّ وجود كلّ شيء نفس حقيقته (٢) ، فحينئذ يستحيل أن يكون مشتركا.
وأمّا الحكماء فقد ذهبوا إلى أنّ الوجود من حيث هو هو وصف اعتباريّ ذهنيّ يشترك فيه جميع الموجودات ، وهو مقول بالتشكيك على وجودات الماهيّات ، وإنّ وجود كلّ (٣) ماهيّة مخالف بالحقيقة لوجود الماهيّة الاخرى.
فالحاصل أنّهم أثبتوا لكلّ موجود وجودا خاصّا به مخالفا لغيره من الوجودات (٤) ، ووجودا آخر مشتركا بين الجميع ، وإنّ هذا المشترك إنّما يوجد في الذهن لا في الخارج (٥).
إذا عرفت هذا فنقول : أورد هاهنا سؤالا على أنّ الوجود نفس الماهيّة ، وتقريره : أنّ الوجود وصف مشترك فيكون زائدا ؛ أمّا الصغرى فيدلّ عليها ثلاثة أوجه :
الأوّل : إنّ العدم أمر واحد ليس فيه تعدّد وامتياز ، فالمقابل له وهو الوجود إن كان متغايرا (٦) متكثّرا ثبتت الواسطة بين قولنا : المعلوم إمّا أن يكون موجودا أو
__________________
(١) حكاه عن جمهور الفلاسفة والمعتزلة وعن جمع من الأشاعرة الفخر الرازي في المحصّل : ١٤٧ ، والخواجة نصير الدين الطوسي في تلخيص المحصّل : ٧٤.
(٢) حكاه عنهم الفخر الرازي في المباحث المشرقيّة ١ : ١١٢ ، وفي أصول الدين : ٣٠ ، والمصنّف في نهاية المرام ١ : ٣٧ ، ومناهج اليقين : ٥٦ ، وفي طبعة الأنصاري القمي : ١٠.
(٣) (كلّ) ليست في «ف».
(٤) في «د» : (الموجودات).
(٥) حكاه عنهم الخواجة نصير في تلخيص المحصّل : ٧٤ ، والرازي في الشواهد الربوبيّة : ٧.
(٦) (متغايرا) لم ترد في «د».