أقول :
هذا دليل ثالث على أنّ الوجود زائد ، وتقريره : إنّا نفرق بالضرورة بين قولنا : السواد سواد وبين قولنا : السواد موجود ، وذلك يدلّ على أنّ الوجود أمر زائد على الماهيّة.
والجواب : أنّ الفرق إنّما هو باعتبار مغايرة لفظ «الوجود» للفظ «السواد» ، أمّا باعتبار مغايرة المعنى فلا ، ويتنزّل (١) ذلك منزلة قولنا : إنّا نفرق بين قولنا : الإنسان إنسان وبين قولنا : الإنسان بشر ، وذلك يدلّ على المغايرة بين الإنسان والبشر ، ولما كان هذا باطلا وإنّ المغايرة اللفظيّة كافية هاهنا فكذلك ثمّ.
[لا شيئيّة للمعدوم]
قال :
فتلخّص من هذا أنّ لا شيئيّة للمعدوم.
أقول :
هذا نتيجة ما دلّ الدليل عليه (٢) من كون الوجود نفس الماهيّة ، فإنّ الوجود لمّا لم يكن ثابتا في العدم بالاتفاق لم يكن العدم (٣) شيئا ، وهذا الكلام أراد به مناقضة أبي هاشم (٤) وأصحابه فإنّهم أثبتوا المعدوم.
__________________
(١) في «د» «س» : (وينزّل).
(٢) (عليه) لم ترد في «ف».
(٣) في «أ» : (المعدوم).
(٤) في «أ» «س» : (الحسن) ، وهو عبد السلام بن محمّد الجبائي ، كنيته أبو هاشم كان تلميذا لأبيه أبي عليّ الجبائي ، وهو من أكابر متكلمي المعتزلة ويطلق على أتباعه البهشمية. (وفيات الأعيان ٢ :
٣٣٥ ، المنيّة والأمل لابن المرتضى : ١٨١).