فإنّ القادر على مجموع أفعال قادر على كلّ واحد من تلك الأفعال ، وأيضا هو (١) تعالى قادر على الجهل وهو قبيح لأنّه (٢) تعالى قادر على العلم ، والقادر على الشيء قادر على ضدّه.
[المذهب الثالث]
قال :
سؤال لعبّاد (٣) : ما علم عدمه غير مقدور الوجود وإلّا لزم الجهل.
أقول :
هذا أحد المذاهب الباطلة في هذا المقام ، وهو مذهب عبّاد بن سليمان فإنّه ذهب إلى أنّ ما علم الله تعالى عدمه فإنّه لا يكون وجوده مقدورا (٤) ، والمحقّقون على خلافه.
واستدلّ عبّاد على مذهبه بأنّه إذا علم أنّ الشيء لا يوجد استحال أن يوجد (٥) ، وإلّا لزم (٦) انقلاب علم الله تعالى جهلا ، وإذا كان مستحيل الوجود لم يكن مقدورا.
__________________
(١) في «ج» «ر» «ف» : (الله).
(٢) في «س» : (لأنّ الله).
(٣) هو عبّاد بن سليمان الضميري ، من أكابر متكلّمي المعتزلة ، وكان من أصحاب هشام الفوطي ، وله كتاب يسمّى «الأبواب» وقد نقضه أبو هاشم ، وله مناظرات مع ابن كلاب وقد ذكره ابن المرتضى في الطبقة السابعة من المعتزلة في كتاب المنية والأمل : ١٦٩ ، وانظر الفهرست لابن النديم : ٢٦٩ ، مقالات الإسلاميين ١ : ٦٦.
(٤) الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم ٣ : ١٣٣ ، وحكاه المصنّف في أنوار الملكوت : ٩٠.
(٥) (استحال أن يوجد) سقط من «د».
(٦) في «ف» : (ألزم) بدل من : (إلّا لزم).