[أدلّة المعتزلة على تقدم القدرة على الفعل]
إذا عرفت هذا فنقول : اختلف الناس في أنّ القدرة هل هي متقدّمة على الفعل أم لا؟ فذهب الأشعري وأصحابه إلى أنّها مقارنة للفعل غير متقدّمة عليه (١) ، وذهب جماعة المعتزلة إلى أنّها متقدّمة على الفعل (٢).
واحتجّوا عليه بوجوه :
الأوّل : أنّ الله تعالى قد (٣) كلّف الكافر بالإيمان ، والتكليف (٤) بالإيمان واقع قبل الإيمان ، فالقدرة على الإيمان إمّا أن تكون موجودة حالة التكليف أو لا ، والأوّل هو المطلوب ، والثاني يلزم منه تكليف ما لا يطاق وهو محال.
لا يقال : هذا لازم لكم لأنّ حال حصول القدرة لا يمكنه الفعل وإلّا لزم اجتماع الضدّين ، وحال حصول الفعل لا قدرة عليه لأنّه واجب.
لأنّا نقول : لا نسلّم أنّه حال حصول القدرة لا يمكنه الفعل ، فإنّ الفعل من حيث هو هو ممكن ، وباعتبار مقارنة القدرة للكفر (٥) يكون الإيمان ممتنعا.
سلّمنا لكن لم لا يجوز أن يقال : بأنّه حال حصول القدرة مكلّف بالفعل لا في
__________________
(١) اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع : ٩٢ ، تمهيد الأوائل : ٣٢٥ ، محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ١٥٢ ، شرح المقاصد ٢ : ٣٥٣ ، شرح المواقف ٦ : ٨٨.
(٢) شرح الأصول الخمسة : ٣٩٠ و ٣٩١ ، وحكاه السيّد المرتضى في الذخيرة في علم الكلام : ٨٨ ، وشرح جمل العلم والعمل : ٩٧ ، والشيخ الطوسي في الاقتصاد فيما يتعلّق بالاعتقاد : ١٠٤ ، والمصنّف في نهج الحق : ١٢٩ ، وانظر الفصل لابن حزم ٣ : ٣٥.
(٣) (قد) لم ترد في «ف».
(٤) في «ف» : (فالتكليف).
(٥) في «ف» : (لكفر).