بعض الوجوه ، ثمّ إنّه ينتقض بالزنبور والمحتذي ، فإنّ الزنبور يفعل أفعالا يعجز عن فعلها أذكياء الناس ، والمحتذي لفعل غيره يفعل فعلا محكما وليس بعالم (١).
قال :
سلّمنا لكن نمنع انتفاء الواسطة.
أقول :
هذا اعتراض ثان على كونه تعالى عالما ، وتقريره : أنّ هذا إنّما يتمّ أن لو كان الله تعالى هو الفاعل للأفعال المحكمة ، ولكنّه ممنوع ، فإنّه يجوز أن يكون الله تعالى فعل شيئا وهو غير عالم به ، ثمّ إنّ ذلك الشيء (٢) فعل هذه الأفعال المحكمة فتكون الواسطة هي العالمة لا ذات الله تعالى.
قال :
ويعارض بأنّه تعالى لو كان عالما فعلمه إمّا زائد وهو محال وإلّا تعدّد الواجب أو افتقر أو تركّب ، وإمّا ليس بزائد فيكون معقولهما واحدا.
أقول :
تقرير هذه الشبهة أن نقول : لو كان الله تعالى عالما فعلمه إمّا أن يكون زائدا على ذاته أو هو نفس ذاته ؛ والأوّل باطل لأنّه لو كان زائدا على ذاته فإمّا أن يكون واجب الوجود أو ممكن الوجود ، والأوّل باطل وإلّا لزم أن يكون هناك موجودان واجبا الوجود الذات والصفة (٣) ، هذا خلف ، ولأنّ الصفة مفتقرة إلى الموصوف فلا تكون واجبة.
__________________
(١) في «ف» : (بمعالم).
(٢) في «س» زيادة : (الذي).
(٣) (والصفة) ليست في «ف».