فلا يتعلّق علمه تعالى بذاته (١).
قال :
ولأنّه لو علم غيره لحصل صور متساوية في ذاته كثيرة.
أقول :
هذا مذهب لقوم آخرين من القدماء زعموا أنّه تعالى يعلم ذاته و (٢) لا يعلم غيره ، قالوا : لأنّ العلم إمّا أن يعني به النسبة بين العالم والمعلوم أو صورة متساوية (٣) للمعلوم في العالم ؛ والأوّل باطل وإلّا لزم أن لا يكون العالم عالما بذاته ، ولأنّه يلزم من وجود العلم وجود المعلوم ، فلا يتعلّق العلم (٤) بالمعدومات.
ولأنّه يلزم أن لا يكون علم ما جهلا ، لأنّ الجهل كون الصورة الذهنيّة غير مطابقة للأمر الخارجي فوجب (٥) أن يقال : العلم إنّما هو عبارة عن حصول صورة مساوية للمعلوم في العالم ، فلو كان الله تعالى عالما بغيره لزم منه حصول صور كثيرة في ذاته تعالى ، وهو محال لأنّه يلزم منه أن يكون فاعلا لتلك الصور و (٦) قابلا لها وأن يكون الله تعالى محلّا لمعلوماته (٧) المتكثّرة ، وأن لا يكون فاعلا للشيء (٨) إلّا
__________________
(١) حكى ذلك عن القدماء الخواجة نصير الدين الطوسي في مصارع المصارع : ١١٤ ، وابن رشد القرطبي في تهافت التهافت : ٢٩٥ ، والفخر الرازي في المباحث المشرقيّة ٢ : ٤٩٢ ، والتفتازاني في شرح المقاصد ٤ : ١١٦ ، والمصنّف في الأسرار الخفيّة : ٥٢٨.
(٢) الواو لم ترد في «ف».
(٣) في «ف» : (مساوية).
(٤) في «ف» : (للعلم).
(٥) في «ج» : (ووجب) ، وفي «ف» : (وجب).
(٦) الواو لم ترد في «ج» «ر» «ف».
(٧) في «ج» «د» «س» : (لمعلولاته).
(٨) في «ج» «ر» «ف» : (لشيء).