[في كونه تعالى متكلّما]
قال :
ومنها : كونه تعالى متكلّما ، ومعناه أنّه أوجد حروفا وأصواتا في جسم يدلّ على معان ، لأنّ كلّ عاقل يسبق (١) هذا إلى فهمه ويكذب ما يغايره.
أقول :
المتكلّم عند المعتزلة من جعل (٢) الحروف والأصوات في جسم من الأجسام الدالّة على معان ، وليس الكلام عندهم إلّا الحروف والأصوات (٣).
وأمّا الأشعريّة فعندهم الكلام هو الطلب ، وهو معنى قائم بالنفس يدلّ عليه العبارات ، وهو غير العلم والإرادة ، والمتكلّم من قام به ذلك المعنى النفسانيّ ، ثمّ زعموا أنّ الكلام شيء واحد ليس بخبر ولا أمر ولا نهي ولا استفهام ، بل هذه معان عارضة لذلك المعنى (٤).
والحقّ ما قاله المعتزلة ، ويدلّ عليه سبق ما ذكرناه إلى أفهام العقلاء من غير العلم بالمعنى ، ولأجل ذلك (٥) لا يصفون الأخرس بالمتكلّم.
__________________
(١) في «ف» : (سبق).
(٢) في «أ» «د» : (فعل).
(٣) شرح الأصول الخمسة : ٥٢٨ ، شرح المواقف ٨ : ٩٣ ، وحكاه عنهم الخواجة نصير في تلخيص المحصّل : ٣٠٧ ، والمصنّف في مناهج اليقين : ٢٨٧ ، وفي طبعة الأنصاري القمي : ١٧٩.
(٤) محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ٢٥٠ ، الأربعون في أصول الدين للرازي ١ : ٢٤٩ ، شرح المواقف ٨ : ٩٣.
(٥) في «أ» «ب» : (هذا).