والأشاعرة جوّزوا عدم الإبصار عند حصول هذه الشرائط ، لأنّهم إنّما يوجبون الإبصار بالمعنى ، واستدلّوا على ذلك بأنّا نرى الجسم الكبير من بعيد صغيرا ، وليس ذلك إلّا لأنّا (١) نرى بعض أجزائه دون البعض ، ضرورة تساوي (٢) نسبتها إلى البصر (٣) قربا وبعدا.
والحقّ خلاف هذا ، فإنّ سبب رؤية الكبير صغيرا أنّه يخرج من العين خطّان ، إمّا فرضا كما يقوله أصحاب الانطباع أو فعلا كما يقوله أصحاب الشعاع على هيئة ساقي مثلّث ، زاويتهما العين وقاعدتهما المرئى ، وكلّما بعد المرئي صغرت الزاوية.
والرؤية (٤) إنّما تكون عند الزاوية عند أصحاب الانطباع (٥) ، فيكون القدر المنطبع فيه الصورة من العين عند البعد أصغر منه عند القرب فيصغر مقدار الجسم ، وأمّا عند أصحاب الشعاع (٦) ، فإنّ المرئي كلّما بعد تفرّقت الأشعّة الخارجة إليه من العين ، فلا يقوى على الإبصار التامّ (٧).
ثمّ منعوا تساوي نسبة الأجزاء إلى العين ، فإنّ وسط المرئي أقرب إلى العين ، لأنّ الخطّ الواصل بين الناظر ووسط المرئي يحيط مع الخطّ الواصل بين طرف المرئي وطرف هذا الخطّ بزاوية قائمة يوترها الخطّ الواصل بين (٨) الناظر وطرف المرئي ،
__________________
(١) في «ب» : (أنّا) ، وفي «ف» : (لا نرى) بدل من : (لأنّا نرى).
(٢) في «ف» : (وتساوي).
(٣) في «د» : (للبصر) بدل من : (إلى البصر).
(٤) في «ب» : (فالرؤية).
(٥) يعني المعلّم الأوّل ومن تبعه.
(٦) وهم الرياضيون.
(٧) راجع شرح حكمة الإشراق : ٢٦٩ ، كشف المراد (تحقيق الآملي) : ٢٩٤ وفي تحقيق الزنجاني :
٢١٠ ، الحكمة المتعالية ٩ : ١٩١.
(٨) في «أ» زيادة : (هذا).