[أدلّة الأشاعرة على إمكان الرؤية وردّها]
قال :
احتجّوا بأنّ الجوهر (١) والعرض مرئيان ، فلا بدّ من مشترك ، وليس الحدوث لتركّبه من قيدين : أحدهما عدميّ ، ولا الإمكان لكونه عدميّا ، فلم يبق إلّا الوجود ، ولسؤال موسى وتعلّقها (٢) على استقرار الجبل الممكن.
أقول :
احتجّت الأشاعرة على قولهم بحجج ثلاثة :
الاولى : عقليّة ، وهي أنّهم قالوا : الجوهر والعرض يصحّ رؤيتهما (٣) فقد اشتركا في هذا الحكم ، والحقائق المختلفة إذا اشتركت في الأحكام فلا بدّ وأن تكون مشتركة في علل تلك الأحكام لامتناع استناد المعلولات المتساوية إلى العلل المختلفة ، ولا مشترك بين الجوهر والعرض إلّا الوجود أو الحدوث أو الإمكان ، والحدوث لا يصلح (٤) للعلّيّة ، ضرورة كونه مركّبا من قيدين : أحدهما عدميّ فيكون عدميّا ، وكذلك الإمكان فإنّه لو كان وجوديّا لزم التسلسل ، فلم يبق إلّا الوجود ، والله تعالى موجود فيجب أن يصحّ رؤيته.
الثانية : نقليّة ، وهي أنّ الرؤية لو كانت ممتنعة لما سألها موسى عليهالسلام لأنّ منصب النبوّة أجلّ من أن يجهل مثل هذه الصفة هل هي ممتنعة أو (٥) جائزة؟
__________________
(١) في «ف» : (بالجوهر) بدل من : (بأنّ الجوهر).
(٢) في «د» : (تعليقها) ، وفي «ج» : (لتلقها) ، وفي «ف» : (لتعلّقها).
(٣) في «ف» : (رؤيتها).
(٤) في «أ» «ف» : (يصحّ) بدل من : (يصلح).
(٥) في «ب» : (أم).