فإذا عارضه النقل (١) فإن عمل بهما لزم الجمع بين النقيضين ، وإن أهملا لزم الترك للنقيضين ، وإن عمل بالنقل وترك العقل لزم إبطال العقل والنقل معا ؛ لأنّ العقل (٢) أصل للنقل ، ومع بطلان الأصل يبطل (٣) الفرع ، فلم يبق إلّا العمل بالعقل ، وتأويل النقل ، وهو مشهور في كتبه.
[الله تعالى ليس في جهة]
قال :
ومنها : أنّه ليس في جهة ونفي الجسميّة كاف فيه ، لكنّ بعضهم جوّز الحصول في الجهة لما ليس بجسم لأنّه إن حصل في حيّز يصحّ انتقاله إلى غيره فهو جسم قطعا ، أو ما يتركّب منه وإلّا كان الحيّز مخالفا لغيره (٤) فيلزم قدمه وجودا إذ الأعدام لا تتخالف ، احتجّوا بالسمع ، جوابه التأويل.
أقول :
ذهبت الكراميّة (٥) إلى (٦) أنّه تعالى في جهة فوق ، ونحن لما بيّنّا أنّه تعالى ليس بجسم استحال أن يكون في جهة ، لأنّ الجهات لا تعقل إلّا للأجسام أو ما يتقوّم
__________________
(١) في «د» «س» : (العقل).
(٢) (العقل) ليست في «ف».
(٣) في «ف» : (ببطلان).
(٤) (لغيره) لم ترد في «د».
(٥) هم أصحاب أبي عبد الله محمّد بن كرام السجستاني ، قالوا بالتجسيم والتشبيه ، وقد نصّ أبو عبد الله على أنّ معبوده مستقرّ على العرش ، وأطلق عليه اسم الجوهر ، وقد افترقت الكراميّة إلى اثنتي عشر فرقة. (الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٠٨ ، التبصير في الدين للأسفرائيني : ٦٥).
(٦) (إلى) لم ترد في «د».