وأمّا ثانيا : فلأنّ صحّة اتّصاف الذات بصفة لا يتوقّف على وجود تلك الصفة وهو ظاهر ، ولا على صحّة تلك الصفة على الإطلاق فإنّ (١) صحّة صدور الفعل من القادر لا يستلزم صحّة الفعل مطلقا ، بل يجوز أن يمتنع الفعل لأمر يرجع إلى القابل (٢) ، ولا يؤثّر ذلك في تلك الصحّة.
وأمّا ثالثا : فلأنّا نجوّز (٣) صحّة كون الحادث أزليّا ، وإلّا لكان (٤) إمّا واجبا أو ممتنعا ، ويلزم من الأوّل القدم ، ومن الثاني استحالة إيجاده في ما لا يزال.
واحتجّ المجوّزون بأنّه تعالى لم يكن قادرا على إيجاد العالم في الأزل ثمّ صار قادرا ، وكذلك لم يكن عالما بوجوده في الأزل ثمّ صار عالما ، وكذلك لم يكن مدركا ثمّ صار مدركا.
والجواب : أنّ القدرة والعلم قديمان على ما مرّ ومتعلّقهما حادث ، وكذلك التعلّق الذي هو الإضافة بين الصفات والمقدور والمعلوم وكذلك القول في الإدراك.
[الله تعالى لا يتّحد بغيره]
قال :
ومنها : أنّه لا يتّحد بغيره ، لأنّ مع الاتّحاد إن بقيا (٥) فاثنان (٦) ، وإن عدما
__________________
(١) في «ج» «ر» «ف» : (فلأنّ).
(٢) في «د» «ر» «س» «ف» : (العائق).
(٣) في «أ» «س» : (فلا يجوز).
(٤) في «د» : (كان).
(٥) (إن بقيا) ليس في «ف».
(٦) في «أ» «ج» : (بقيتا فاثنتان) بدل من : (بقيا فاثنان).