بعدم تناهيهما ، والتناهي وعدمه بمعنى العدول أمران يعرضان للمقدار لذاته ولغيره بواسطته ، فالنور (١) والظلمة إمّا أن يكونا (٢) مقدارين أو غير مقدارين ، فإن كان (٣) الثاني استحال عروض التناهي وعدمه بمعنى العدول لهما وصحّ سلب التناهي عنهما ، والفرق بين السلب والعدول أنّ السلب عبارة عن سلب (٤) شيء عن شيء مطلقا ، والعدول عبارة عن (٥) عدم شيء عن شيء من شأنه أو من شأن جنسه أن يعرض له.
إذا عرفت هذا فنقول : الذي يدلّ على تناهيهما إن كانا مقدارين وجوه ثلاثة :
الأوّل : أنّا نفرض كرة خرج من مركزها إلى محيطها خطّ مواز لخطّ آخر مفروض لا يتناهى ثمّ تحركت الكرة ، فإنّ الخطّ الخارج من المركز ينتقل بعد الموازاة إلى المسامتة ، ولا بدّ وأن يحدث في الخطّ الذي لا يتناهى نقطة هي أوّل نقط المسامتة ، لكن كلّ نقطة نفرضها هي أوّل نقطة المسامتة ، فإنّ المسامتة تكون قد حصلت مع الخطّ قبلها ، فهناك نقطة قبل هذه النقطة (٦) وهي نقطة المسامتة ، وهكذا إلى ما لا يتناهى ، هذا خلف (٧).
وهذا الوجه عندي ضعيف ، لأنّ الجوهر الفرد إمّا أن يكون حقّا أو باطلا ؛ فإن كان حقّا سقطت هذه الحجّة ، لأنّ وجود نقطة قبل أوّل نقط المسامتة المفروضة إنّما
__________________
(١) في «ف» : (والنور).
(٢) (أن يكونا) سقطت من «أ».
(٣) في «أ» : (كانا).
(٤) في «ج» «ر» : (عدم).
(٥) قوله : (سلب شيء) إلى هنا لم يرد في «ف».
(٦) (النقطة) لم ترد في «ج» ، وفي «ر» «س» «د» لم يرد قوله : (النقطة و).
(٧) شرح المقاصد في علم الكلام للتفتازاني ١ : ٣٢٥.