والجواب عن الأوّل بمنع (١) الفرق بين العلمين ، فإنّ العقلاء كما يعلمون أنّ (٢) الكلّ أعظم من الجزء كذلك (٣) يعلمون قبح إيلام الأعمى على ترك نقط المصحف (٤).
وعن الثاني : أنّ وجوب (٥) الفعل بالنظر إلى القدرة والداعي لا ينافي الاختيار ، وقد مضى ذلك.
وعن الثالث بأنّه لا يجوز (٦) له الكذب ، بل يجب عليه التورية.
وما ذكروه في قول القائل : لأكذبنّ غدا فمندفع أيضا ، لأنّ قوله : لأكذبنّ غدا عزم على الكذب ، وليس إخبارا عن الكذب ، بل عن العزم ، فلا يلحقه الكذب لوجود العزم.
و (٧) اعترض بعض المتأخّرين عليه بأنّ الكذب هو الإخبار الذي لا يطابق المخبر عنه ، وهو هاهنا (٨) كذلك ، وليس الإخبار هاهنا عن العزم حتّى يكون صادقا لوجود العزم ، وذكر في الجواب أنّ قوله : لأكذبنّ غدا إخبار عن الكذب وعزم عليه ، وتتميم هذا العزم قبيح وفعل الكذب قبيح (٩) ، فلو كذب في الغد لكان قد
__________________
(١) في «ب» : (منع).
(٢) (أنّ) لم ترد في «ف».
(٣) في «ب» «ج» «د» «ر» «ف» : (كذا).
(٤) في «د» : (المصاحف).
(٥) في «د» : (وجوه).
(٦) في «ج» «ر» «ف» : (أنّه لا يجوز) ، وفي «ب» «د» «س» : (بأنّه يجوز) بدل من : (بأنّه لا يجوز).
(٧) الواو لم ترد في «ج» «ر».
(٨) في «أ» «د» «س» «ف» : (هنا).
(٩) (وفعل الكذب قبيح) سقط من «ف».