فعل فعلا فيه وجها قبح ، وإذا ترك الكذب يكون قد ترك القبيح وترك تتمّة العزم على القبيح ، وهما وجها حسن ، أقصى ما في الباب أنّه يتضمّن وجها واحدا من وجوه القبح (١) وهو الكذب الماضي ، لكن فعل شيء يتضمّن وجهي حسن ووجه قبح أولى من فعل شيء يتضمّن وجه حسن ووجهي قبح.
[في الحسن والقبح الذاتيان للأشياء]
قال :
وهل الأشياء قبحت (٢) لذاتها أو لصفات؟ البصريّون على الأوّل (٣) ، والبغداديّون على الثاني (٤) ، لأنّ من ظلم أو (٥) منع الوديعة سارعوا إلى ذمّه ، ولا يكون لذواتها كضرب اليتيم للتأديب.
أقول :
هذا يتفرّع على القول بالحسن والقبح العقليّين ، وهو (٦) أنّ الأشياء هل هي حسنة أو قبيحة لذواتها أو لوجوه واعتبارات تقع عليها؟
فالبصريّون قالوا : إنّها لذواتها كذلك ، والبغداديّون قالوا : إنّما هي بالحيثيّات حسنة وقبيحة ، لأنّ من ظلم أو منع الوديعة سارع العقلاء إلى ذمّه ، فإذا سئلوا عن ذلك قالوا : لأنّه ظلم أو منع الوديعة ، فلو لا أن يكون هذان الوصفان يوجبان
__________________
(١) في «ج» «س» : (القبيح).
(٢) في «ج» «ر» «ف» : (قبيحة).
(٣) حكاه عنهم في المواقف ٣ : ٢٦٨.
(٤) حكاه عنهم في المواقف ٣ : ٢٦٨.
(٥) في «ف» : (و).
(٦) في «ج» «ر» «ف» : (وهي).