[في أفعال العباد]
قال :
مسألة : ذهب جهم (١) إلى أن لا فاعل إلّا الله تعالى ، والأشعريّة قالوا بالكسب ، وفسّره أبو الحسن بإجراء العادة بخلق الفعل عند الاختيار والقدرة ، وغيره بالطاعة والعصيان ، وغيره بأنّه غير معلوم.
والعدليّة ذهبوا إلى أنّ الفعل للحيوان. فقال أبو الحسين : هو ضروريّ ، والجماهير من المعتزلة والإماميّة إلى اكتسابه ؛ والأوّل الحقّ ، واستدلّوا بأنّ العبد (٢) يذمّ على فعل قبيح اختياريّ ولا يذمّ على ضروريّ ، ولأنّه مأمور فلو لا أنّ له فعلا وإلّا لجاز أمر الجماد ، ولأنّه يلزم الظلم منه تعالى.
أقول :
ذهب جهم بن صفوان إلى أنّ العبد ليس له أثر في إيجاد ولا كسب ، وليس للعبد قدرة ، بل الله تعالى هو الفاعل (٣).
وقالت الأشعريّة والنجاريّة : إنّ الله تعالى يحدث الفعل والعبد يكتسبه ، وأنّ
__________________
(١) في «أ» زيادة : (بن صفوان). هو جهم بن صفوان أبو محرز العبدي السمرقندي من بني راسب رئيس الفرقة الجهمية ، وهو أوّل من قال بالجبر ، كان يقضي في عسكر الحارث بن سويج الخارج على أمراء خراسان ، قبض عليه نصر بن سيّار وأمر بقتله فقتل سنة ١٢٨ هجريّة (الكامل في التاريخ ، حوادث سنة ١٢٨ هجريّة ، ميزان الاعتدال ١ : ١٩٧ ، الأعلام للزركلي ٢ : ١٤١).
(٢) في «ف» : (بالعبد) بدل من : (بأنّ العبد).
(٣) انظر سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون لابن نباتة : ١٦٢.