وأمّا أنّ كلّ من كان كذلك فهو نبيّ فلأنّ خلق المعجز من الله تعالى عقيب الدعوى يقوم مقام التصديق ، فإنّ الإنسان إذا ادّعى رسالة الملك وقال : أيّها الملك إن كنت صادقا في دعوى الرسالة فخالف عادتك ، ففعل الملك ذلك وتكرّر السؤال من الرسول والفعل من الملك ، فإنّ العقلاء يجزمون بصدق الرسول ، فكذلك هاهنا.
وأمّا إنّ كلّ من صدّقه الله تعالى فهو صادق فلأنّ الله تعالى صادق فلو صدق الكذّاب لم يكن صادقا ، ولأنّه تعالى لا يفعل القبيح ، وإظهار المعجز على يد الكاذب إغراء بالقبيح فهو قبيح ، ولأنّه يلزم أن لا يقدر الله تعالى على تصديق الرسول الصادق.
[اعتراضات وردود]
قال :
فإن قيل : فإن (١) عنيتم بالتواتر ما حصل به (٢) العلم وأنتم تستدلّون بالتواتر على حصول العلم دار.
أقول :
لمّا فرغ من الاستدلال على ثبوت النبوّة شرع في الاعتراض على الدليل مع الجواب عنه فاستفسر أوّلا عن معنى التواتر ، وقال : إن عنيتم بالتواتر الخبر المفيد للعلم لزم الدور ، لأنّكم الآن في مقام الاستدلال بثبوت الخبر المتواتر على ثبوت العلم بالنبوّة ، فلو كان الخبر المتواتر هو الموجب للعلم لزم إثبات الشيء بنفسه. وإن عنيتم به معنى آخر فلا بدّ من بيانه.
__________________
(١) في «ج» «ر» : (إن).
(٢) في «ف» : (له).