وثالثها : الصناعات خفيّة لا يمكن الاطّلاع عليها ، وهي امور ضرورية في بقاء النوع ، فوجب بعثة الأنبياء لتعليمها.
ورابعها : تعليم الأخلاق الفاضلة النافعة في المعاش والعقائد الحقّة (١) النافعة في المعاد.
وخامسها : زوال الخوف عن (٢) المكلّف ، فإنّه حين استكمال عقله إن اشتغل بالعبادة (٣) حصل له الخوف من حيث إنّه تصرّف في ملك غيره ، وأيضا فلا يعلم كيفيّة ما يتعبّد (٤) به وإن لم يشتغل (٥) خاف من التفريط.
الثاني : أن نقول : إنّ من الحسن ما هو معلوم ، فنفع الأنبياء فيه التأكيد ، ومنه ما هو مجهول فنفعهم فيه التعريف ، وكذلك القبيح.
وأمّا الجواب عن شبهة اليهود فإنّا نقول : إنّ موسى عليهالسلام بيّن أنّ شرعه سينسخ ، وتواتر اليهود منقطع ، فإنّ بخت نصّر (٦) استأصلهم ، والفرق بين النسخ والبداء ظاهر ، لاختلاف الوقت في الأوّل دون الثاني ، فجاز اختلاف المصلحة باختلاف الوقت.
قوله : إنّ اليهود تواتروا بنقل قول موسى عليهالسلام : تمسّكوا بالسبت أبدا (٧). قلنا : الجواب عنه من وجهين :
__________________
(١) في «ب» : (الخفيّة).
(٢) في «د» «س» زيادة : (غير).
(٣) في «ف» : (بالعباد).
(٤) في «ب» : (تعبّد).
(٥) في «أ» : (يستعمل).
(٦) كان من ملوك بابل في ٦٠٤ قبل الميلاد إلى ٥٦٢ قبل الميلاد.
(٧) المسلك في أصول الدين : ١٦٩ ، قواعد المرام في علم الكلام : ١٣٤ ، شرح التجريد (تحقيق الزنجاني) : ٣٨٦.